أوسلو نيوز – متابعات:
خلال تجمّع احتجاجي بعد كارثة القطار في اليونان، نشبت صدامات عنيفة الأحد بين الشرطة اليونانية ومتظاهرين أمام البرلمان في العاصمة أثينا.
فيما أودع مدير محطة لاريسا الحبس الإحتياطي، وقد أودى هذا الحادث بحياة 57 شخصا مساء الثلاثاء، مثيرا موجة غضب دفعت رئيس الوزراء إلى طلب الصفح.
فيما كان ممثلو نقابات سكك الحديد أطلقوا تحذيرا قبل 3 أسابيع، قائلين “لن ننتظر وقوع حادث لنرى المسؤولين يذرفون دموع التماسيح”.
وشهدت العاصمة اليونانية أثينا الأحد نشوب صدامات عنيفة بين الشرطة ومتظاهرين أمام البرلمان وذلك خلال تجمعٍ، إحتجاجا على كارثة القطار التي راح ضحيتها 57 شخصا مساء الثلاثاء الماضي.
وفي لاريسا، وهي المدينة الأقرب إلى مكان وقوع الحادث، تم إيداع فاسيليس ساماراس مدير محطة قطار المدينة (59 عاماً) الأحد الحبس الاحتياطي وفق ما قال مصدر قضائي لوكالة الأنباء الفرنسية.
وكان قد أدلى فاسيليس ساماراس الأحد بإفادته أمام القضاء، والذي يشتبه بارتكابه خطأ فادحا أدى إلى وقوع الحادث.
وكان قد اعترف بمسؤوليته عن حادث الإصطدام بين قطارين سارا لكيلومترات عديدة في اتجاهين معاكسين على السكّة نفسها الرابطة بين أثينا وتيسالونيكي، أكبر مدينتين يونانيتين، قبل أن يصطدما ببعضهما البعض مساء الثلاثاء، ما تسبّب في مقتل 57 شخصا.
وعليه اُتهم بالتسبب بـ”وفاة عدد كبير من الأشخاص”، وهي جريمة يعاقب عليها القانون اليوناني بالسجن لمدة تتراوح بين 10 سنوات والسجن المؤبد.
وبينما كان يمثل مدير المحطة أمام قاضي التحقيق، تظاهر حوالي 12 ألف شخصا في ساحة سينتاغما الكبيرة أمام البرلمان في العاصمة اليونانية حاملين لافتات كتب عليها “فلتسقط الحكومات القاتلة!”، و”لم يكن خطأ بشريا!”
وذكر مصدر قضائي أن التحقيق يهدف أيضا إلى “بدء إجراءات جنائية، إذا لزم الأمر ذلك ضد أعضاء إدارة شركة” السكك الحديدية “هيلينك ترين”.
إطلاق بالونات سوداء اللون
ويعد هذا التجمع رابع احتشاد احتجاجي في أثينا منذ وقوع الحادث والذي شهد صدامات عنيفة بين الشرطة ومتظاهرين.
وألقى متظاهرون الأحد زجاجات مولوتوف بينا ردّت الشرطة بإلقاء قنابل غاز مسيل للدموع وقنابل صوتية وسط العاصمة اليونانية، وفق مراسلي وكالة الأنباء الفرنسية.
كما أطلق المتظاهرون مئات البالونات السوداء تكريماً لضحايا الكارثة.
ووزع محتجون منشورات تُظهر وجه رئيس الوزراء المحافظ كيرياكوس ميتسوتاكيس، كُتب عليها باللون الأحمر “وزير الجريمة المطلوب”.
ومن جانبه قال ميخاليس هاسيوتيس رئيس نقابة المحاسبين الذين انضموا إلى التظاهرة لوكالة الأنباء الفرنسية “نشعر بغضب كبير”. مضيفا “الجشع وعدم إتخاذ تدابير لحماية الركاب أديا إلى أسوأ مأساة للسكك الحديد في بلادنا”.
أما نيكوس تسيكالاكيس، وهو رئيس نقابة في مجال السكك الحديد فقال “قصفونا بقنابل الغاز المسيل للدموع، وعانى أشخاص كبار في السن من صعوبات في التنفس. هل تعتقدون أن تكريم موتانا يتم بهذه الطريقة؟”
وأضاف “لا شيء يسير على ما يرام في هذا البلد، المستشفيات في حالة سيئة، والمدارس تُغلَق، والغابات تحترق … على مَن يضحكون؟”
ويذكر أنه منذ اليوم التالي للكارثة، نزل يونانيون إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم متهمين سلطات بلادهم بالإهمال ومدينين تدهور البنية التحتية للسكك الحديدية.
هذا، وقد سببت الكارثة مأساة في اليونان خصوصا أنّ عددا كبيرا من الضحايا كانوا من الطلاب الشباب العائدين من عطلة نهاية أسبوع طويلة إلى تيسالونيكي المدينة الجامعية الكبيرة الواقعة شمال البلاد.
وما زاد الطين بلة، لقطات مفجعة بثها التلفزيون لأهالي الضحايا وهم يبكون أمام مستشفى منتظرين بيأس الحصول على معلومات عن مصير أولادهم، في زيادة إلقاء اللوم على السلطات وإدارتها، التي أعتبرت كارثية.
ومن جهته، طلب رئيس الوزراء اليوناني الصفح من أسر الضحايا في خطاب رسمي صباح الأحد، قبل أن يحضر قداسا في الكاتدرائية الأرثوذكسية في أثينا.
وكتب في رسالة موجهة إلى اليونانيين ونشرها على حسابه على فيسبوك “كرئيس للوزراء، أنا مدين للجميع، ولا سيما لأقارب الضحايا، (بطلب) الصفح”.
وتابع “في اليونان عام 2023، لا يمكن لقطارين أن يسيرا في اتجاهين معاكسين على نفس الخط دون أن يلاحظهما أحد”.
وأكد ميتسوتاكيس أنه “لا يمكننا ولا نريد ولا يجب أن نختبئ وراء الخطأ البشري” المنسوب إلى مدير المحطة.
غير أن اعتذار رئيس الوزراء لم يشف غليل المتظاهرين.
واعتبرت ماريانا كرونوبولو وهي معلمة في مدرسة ابتدائية شاركت في التظاهرة بأثينا أنّ طلب الصفح هذا “نفاق”. وأضافت “كان يعلم أن شبكة السكك الحديدية في حالة مزرية، ولم يفعل شيئًا”.
ومن جانبها، ذكرت صحيفة كاثيميريني اليومية أن القضاء يسعى إلى فهم كيف وجد مدير محطة عديم الخبرة نفسه، بمفرده دون إشراف أي شخص آخر، في محطة لاريسا لمدة 4 أيام عندما كانت الحركة على هذا الخط شديدة بسبب عطلة نهاية أسبوع طويلة مرتبطة بعطلة أرثوذكسية.
وللعلم، تلقى الرجل تدريباً لأربعين يوماً فقط ليصبح مدير محطة قطارات.
وبالقرب من مكان الحادث وسط البلاد، في محطة رابساني الصغيرة تحديدا، وضع أهالي طلاب أزهار قرنفل حمراء وبيضاء على السكك الحديدية وأناروا الشموع.
كما رفع شبان وشابات من مدرسة محلية لافتة كتب عليها “لم يكن حادثًا. إنه الربح على حساب حياة البشر.”
“القتلة” بأحرف حمراء
وعلى واجهة المقر الرئيسي لشركة السكك الحديدية “هيلينك ترين” في أثينا، تم كتابة كلمة “القتلة” بالأحرف الحمراء.
والشركة متهمة بعدد من حالات الإهمال والتقصير أدت إلى الكارثة التي وصفتها السلطات بـ “مأساة وطنية”.
ودافعت الشركة عن نفسها مساء السبت مؤكدة أنها “كانت حاضرة منذ اللحظة الأولى على الساحة” وأنشأت “مركز إتصال (…) لتقديم المعلومات”.
هذا، وكانت قد استحوذت مجموعة فيروفي ديلو ستاتو ايتالياني Ferrovie Dello Stato Italiane الإيطالية على شركة “هيلينك ترين” العام 2017 في إطار برنامج الخصخصة الذي فرضه المقرضون على اليونان خلال الأزمة الإقتصادية التي شهدتها البلاد ما بين (2009-2018).
هذا، ويذكر أن ممثلي نقابات السكك الحديدية كانوا قد أطلقوا تحذيرا قبل ثلاثة أسابيع، قائلين “لن ننتظر وقوع حادث لنرى المسؤولينيذرفون دموع التماسيح”.
ويعد هذا الحادث الثالث، حيث سقط أكبر عدد من القتلى في أوروبا خلال 25 عاما، بعد خروج قطار عن سكته في 1991 في ألمانيا (101 قتيل) وحادث قطار آخر في إسبانيا في 2013 لقي فيه 80 شخصا حتفهم.
المصدر: فرانس 24 عربي